حتمية التاريخ المصري
يكتب..محمود فرحات
كتبت منذ فترة مقال بعنوان التاريخ يعيد نفسة ليست مجرد مقولة ..اسمحولي ان اعيد نشرها عليكم
التاريخ يعيد نفسة...مقولة حقيقية كثيرا ما أعتقدت فيها..
هذه المقوله اثبتت انها ليست مجرد كلمات نقولها على سبيل العبرة وإنما هى حقيقة واقع وبخاصة مع الحالة المصرية، فالمتتبع لتاريخ مصر يجد احداث تتكرر وإن اختلفت الاشخاص والأشكال فيما يشبه الحتمية التاريخية للحالة المصرية.
فتاريخ مصر يدور في تتابع بياني بين الهبوط والصعود والاستقرار على مدار تاريخة منذ اجدادنا الاقدمين وحتى يومنا هذا وكأن من يقود عجلة التاريخ المصري قد ثبت دورانها في هذه الدائرة فنجد تاريخ مصر بعد كل صعود وقوة يصير ضعيف ثم ينهار بقيام ثورة كبرى تتبنى افكار اجتماعية يعقبها صراع سياسي على السلطة أو حرب اهلية أو حالة من الفوضى هذه الخالة تخلق شخص لا نتوقعة يولد من رحم هذه الثورة والصراع يستطيع ان يجمع علية الشعب ويقود البلاد لفترات من الاستقرار والزدهار احيانا.
ويمكننا رصد هذا على طول التاريخ المصري ولكنني رصدت هنا ثلاثة مشاهد مضيئة من تاريخ الامة المصرية يمثلون ثلاثة عصور مختلفة..
المشهد الاول: نعود بآلة الزمان الى العام 2280ق.م
ففي اعقاب الثورة الاجتماعية نهاية عصر الاسرة السادسة والتي قامت ضد الملك بيبي الثاني نتيجة لاوضاع اجتماعية تكاد تكون مشابة لما قامت من اجلة ثورة 25 يناير 2011..حيث أصبح ملك مصر رجلا مسن لا يستطيع أن يسيطر على البلاد حتى أن حكام الأقاليم أصبحت سلطتهم كبيرة وأصبح هناك قلة تملك مخازن الغلال وتملك الأراضي الزراعية وقطعان الماشية أي الثروة بينما كان هناك الآلف من المصريين الفقراء البائسين الذين لم يملكوا حتى الخبز واخذ هؤلاء النبلاء المسيطرين على الثروة في مصر يكذبون على الملك المسن الذي لم يكن يملك فعلياً ويقولون له أن البلاد في سعادة وفي عمل والحقيقة أن البلاد كانت على شفا الانهيار..وحيث كان الانهيار عمت الفوضي البلاد وسادها صراع سياسي استمر خلال عصر الاسرات السابعة والثامنة والتاسعة فيما عرف بعصر الاضمحلال الاول حيث سادت البلاد حالة من التفكك وانفردت كل اسرة قوية بأقليم تحكمه فيما يعرف بعصر حكام الاقاليم حتى ظهرت اسرتين قويتين تصارعا على حكم مصر فكانت الحرب الاهلية التي اطاحت بحكام اهناسيا امام حكام طيبة ليبدأ عصر استقرار البلاد والانشاءات والمشروعات الكبرى عصر الدولة الوسطى والذي يعد وبحق عصر ازدهار مصر في كافة المجالات.
المشهد الثاني: بعد خروج الحملة الفرنسية من مصر
ويبدأ المشهد الثاني بصدمة حضارية كبرى تتعرض لها مصر حيث الاحتلال الفرنسي والذي قاومة المصريون بكل ضراوة وكان للثورة الكبرى التي قام بها المصريون "ثورة القاهرة الثانية" ومقتل كليبر على يد البطل الازهري سليمان الحلبي كبير الاثر بالتعجيل برحيل الاحتلال..وبخروج الفرنسين من مصر سادت البلاد حالة من الفوضى استمرت خلال الترة من 1801 وحتى العام 1805 فالجميع يريد ان ينفرد بحكم البلاد وينسب لنفسة الفضل في دحر الفرنسين وخلال هذه الحالة من الفوضى لم يستطع حاكم مملوكي او عثماني ان يجلس على كرسي الولاية في مصر وقرر المصريون اختيار حاكمهم ولاول مرة وهنا ظهر ولاول مرة شخص كان خارج المشهد وهو احد الضباط القادمين مع الجيش العثماني خرج من رحم الفوضى ليقود البلاد وهو "محمد علي باشا" والذي كان داهية عصرة حيث بدأ عصرة بالتخلص من اعدائهومعارضية الذين ساستشعر فيهم الخطر على حكمة للبلاد وبالطبع كان أخطرهم المماليك فدبر لهم مذبحة القلعة عام 1811 وعندما استتب له الامر استطاع ان يعبر بمصر الى مصاف الدول القوية التي يحسب لها حساب حتى ان اوروبا كلها تآمرت على مصر لاسقاط حكم محمد على وتكبيله.
المشهد الاخير: هو في اعقاب انقلاب العسكر في 23 يوليو 1952
ففي عام 1952 قام عدد من ضباط الجيش المصري بأنقلاب عسكري ضد الملك ونتيجة للاوضاع الاجتماعية والسياسية غير المقبولة في البلاد في تلك الفترة ولقد لاق هذا الانقلاب قبول الشعب المصري وتأييدة مما اكسبه صفة الثورة ففي هذه المرحلة كانت البلاد تمر بحالة ممن الصراع على السلطة وخاصة الصراع الشهير بين الاخوان المسلمين ومجلس قيادة الثورة..ثم بين افراد قيادة الثورة انفسهم ولحتمية التاريخ المصر في دورته المتتالية عبر الزمن بلا تغير خرج من رحم الصراع القائد جمال عبد الناصر ليقود البلاد للاستقرار والاخذ بأسباب التقدم وقد بدأ عصره كذلك بالتخلص من اعدائة ومعارضية ومن سيؤرقون حكمة وهم الاخوان المسلمين وكان لة الامر فحكم البلاد وانشأ العديد من المشروعات التنموية التي وضعت قدم مصر في مصاف الدول الصاعدة مما جعل الدول الكبرى في التآمر علية واسقاطه في عام 1967..
وبانعكاس ذلك على واقع مصر نجد ان مصر قامت بها ثورة شعبية ضد الاوضاع الفاسدة والمقلوبة التي سادت البلاد ونحن الان نمر بمرحلة الفوضى وهى مرحلة صحية سيولد من رحمها القائد المنتظر والغير متوقع والذي سيعبر بالبلاد الى الاستقرار والتنمية المنتظرة...!!!