المرأة في مصر القديمة
يكتب: محمود فرحات
المرأة في مصر القديمة حينما كان الإنسان مازال
كائن بشرى راقي يشعر بآدميته حينما كانت في مصر حضارة مازال يشار إليها والى
أثارها في كل ميدان علنا أن نستفيد من ولو شئ من ماضينا..أعرض في عجالة كيف كانت
المرأة في ذلك المجتمع البكر وكيف كانت نظرة الرجل للمرأة وكيف كانت تعامل في هذا
المجتمع الراقي الذي يشرفني أن أكون احد أحفادهم
ولنرى أولا كيف نظرت المجتمعات القديمة للمرأة وإذا
بدأنا بالمجتمع الإغريقي واستمعنا لأحد كبار الخطباء والسياسيين الإغريق وهو
(ديموسثنيس) يتحدث في القرن الرابع ق. م عن المرأة اليونانية فيقول: "إن لنا محظيات يجلبن لنا السرور, وبنات
هوي يقدمن لنا متعة الجسد, وأخيرا فإن لنا زوجات ينجبن لنا الأبناء, ويعتنين
بشئون بيوتنا"هكذا كانت المرأة في بلاد الإغريق مصدر للمتعة أو الإنجاب أو
الأعمال المنزلية.
فإذا انتقلنا لمجتمع آخر وليكن المجتمع الروماني
وجدنا لرب الأسرة بحكم القانون حق السلطة الأبوية علي كل أفراد الأسرة بمن
فيهم الزوجة وبما في ذلك حق الحياة والموت كذلك لم يكن للزوجة أن تمتلك أي شيء
دون موافقته كما لم يكن للابنة أن تتزوج دون هذه الموافقة فإذا تزوجت الابنة
يصبح عليها لزوجها نفس الحقوق بوصفه ربا للأسرة الجديدة.فكانت المرأة مجرد جارية
لا سلطة لها ولا حق.وإذا توجهنا صوب الشرق لنرى حال المرأة في المجتمع
العربي قبل الإسلام وجدنا حالها أسوء بكثير حيث المرأة عار على أسرتها فهي لا
محالة مقتولة عقب ولادتها حتى أن القرآن الكريم قد تحدث عن هذه الظاهرة الهمجية
قتل البنات بدفنهن بالتراب أحياء لأنهن عورة وهذا الذي نهى عنه الإسلام، لكن في
حاضرنا الآن من يريد أن يعود بنا إلى الجاهلية بلف المرأة بالنقاب واعتبارها عوره ومنعها
أي حق واعتبارها مجرد قطعة من مقتنيات المنزل هى وسيلة للترفيه والتمتع والإنجاب
وفقط فهي نصف إنسان وهى ناقصة عقل ودين....!!!
المهم نعود لموضوعنا ونشوف بقى المجتمع المصري القديم
كيف عامل المرأة، ونلقي هنا الضوء على الزوجة والتي كانت تلقب "سيدة البيت،
أو ست الدار" كما كان يطلق عليها لقب "محبوبة زوجها". وكان الزوج
ينادي زوجته بـ"شقيقتي" على نحو يفيض بالرقة والمودة وعاطفة محبة.ولم
يكن يعني ذلك أبدا أنها بالفعل شقيقته وإنما اعتبارها في مقام وقدر شقيقة الدم من
المودة والحب الاحترام.
كانت مثل هذه الأحاسيس والمشاعر تظهر واضحة من خلال
الصور والتماثيل التي تجمع الزوج والزوجة وكذلك الكتابات والوصايا والتي سنتحدث
عنها لاحقا لنرى كيف كانت نظرة الشاب إلي محبوبته حيث لا يكتفي بوصف جميل ملامحها
وقدها, وإنما يقرن بذلك ما ينتظر أن تتمتع به من شخصية إيجابية ومتزنة ومتفتحة
في الوقت ذاته. وهو أمر نتعرف عليه من قصيدة ترجع إلي ما قبل القرن العشرين ق.
م, حيث يرد فيها علي لسان الشاب ما يلي:"ذات الفضائل الساطعة والبشرة
الناصعة.. ذات النظرة الصريحة والشفاه التي تنطق في عذوبة فلا تخرج من بينها
كلمة واحدة تجاوز المطلوب" وبعد أن يصف
بالتفصيل جمال قدها يقول:"إنها نبيلة الخطو حين تمس
قدماها الأرض إنها تغمر بالسعادة كل من تلقي إليه بالتحية".ومن كلام الحكماء المصرين (أنبياء مصر) ووصاياهم لأبنائهم
فنجد الحكيم (بتاح حتب) يوصي الرجال منذ حوالي العام 2400 ق.م فيقول "إذا كنت رجلا ذي شأن فأسس لنفسك
أسرة وأحب زوجتك في المنزل كما يجب، وأشبعها و
واكس ظهرها واستر عليها وكن بلسما يداوي ويريح أطرافها، واشرح صدرها وأدخل السعادة
إلى قلبها بطول حياتها؛ فهي حقل طيب لسيدها و إياك أن تقسو عليها فان القسوة خراب
للبيت الذي أسسته ..فهو بيت حياتك لقد اخترتها أمام الله فأنت مسئول عنها أمام الإله "
ويقول الحكيم (آني) في القرن الرابع عشر ق. م,
فيقول للرجال "لا تكن رئيسا متحكما لزوجتك
في منزلها، إذا كنت تعرف أنها ممتازة تؤدى واجبها في منزل الزوجية، فهي سعيدة وأنت
تشد أزرها، ويدك مع يدها أو بترجمة أخري:"لا
تضايق الزوجة في بيتها.. طالما أنها تؤدي دورها بكفاءة.لا تقل لها أين وضعت هذا
الشيء, أحضريه لنا طالما أنها وضعته في مكانه الصحيح وأنت تعرف قيمة زوجتك
وسعادتكما حين تكون يدك بجوارها.. فكل زوج ينبغي أن يتحلي بضبط النفس وهو يعامل
زوجته"
أما الحكيم (سنب-حتب) فيوصي ابنه بما يلي" إذا أردت الله فأحب شريكه حياتك اعتن
بها تعتن ببيتك وترعاك، قربها من قلبك فقد جعلها الإله تؤما لروحك، إذا أسعدتها أسعدت
بيتك، وإذا أسعدت بيتك أسعدت نفسك زودها بكسوتها ووسائل زينتها وزهورها المفضلة
وعطرها الخاص، فكل ذلك سينعكس علي بيتك و يعطر حياتك ويضفي عليها الضوء، إسعدها
مادمت حيا فهي هبه الإله الذي استجاب لدعائك بها، فتقديس النعمة إرضاء للإله ومنعا
لزوالها"
علي أن الأمر هنا لم يكن مجرد حب وتقدير من جانب
الزوج, وإنما كان في حقيقته اندماجا أو نوعا من التوحد بين الروح والجسد بين
الزوج والزوجة يجمع بينهما الحب المتبادل والعمل المتكامل وهنا نجد نصا في دير
المدينة علي الضفة الغربية للنيل في مواجهة الأقصر يتضمن رسالة من رجل إلي روح
زوجته المتوفاة, منقوشة علي حجر عند قاعدة مقبرتها يقول فيه "أيتها
الجميلة بلا نظير، أنت التي كانت تعيد الماشية إلي البيت, وتعني بحقولنا,
ويقع علي كاهلها كل ما هو شاق دون أن تطلب المساعدة, آه يا ذات السحر والجمال". كما تؤكد هذا
المعني وثيقة بردية موجودة بالمتحف المصري بالقاهرة ترجع إلي نحو ألف عام ق.
م, تظهر عليها صورتان لامرأة تشارك زوجها عمله بالحقل, مرة في موسم الحرث
والبذر, وأخري في موسم الحصاد ..
وهذا يجرنا إلي الحديث عن المرأة في الفن المصري
القديم حيث نجد مكانة المرأة في مصر القديمة مساوية تقريباً لمكانة الرجل. وتظهر
التماثيل والنقوش النساء في الغالب بحجم مساو للرجال مما يوضح احترام المصريين
للنساء.وكان الزوج يسعد بتصويره ضمن مجموعة عائلية مع
زوجته أو زوجاته وأبنائه، أو حتى مع بناته فقط. فتماثيل (رع حتب و نفرت) وثالوث
(منكاورع) والقزم ( سنب )مع أسرته و(آخ حتب )مع أسرته وكذلك تمثال المجموعة لـ(سوبك
حتب) و(مر سى عنخ) وبناته و(سن نفر ) و(سناى) وأيضاً (آك) مع (حتب حر نفرت) ولوحة (
آنتف)، كلها تمثل مجموعات اسرية من مصر القديمة.
ولقد عثر على تماثيل تصور العديد من السيدات
البارزات في مصر القديمة فمثلاً زوجة القائد (نخت مين) التي عاشت فى نهاية عصر
الأسرة الثامنة عشرة كانت نموذجاً لتمثال رفيع. فقد نجح النحات في تمثيل الجسد
وتفاصيل الرداء ذي الثنيات وكذلك ملامح الوجه الرقيقة لهذه السيدة الجميلة.
وهناك امرأة أخرى شغلت مكانة هامة في الحياة
الاجتماعية ألا وهى السيدة ( تويا) زوجة (يويا) و أم الملكة (تى) معشوقة (أمنحتب
الثالث) وزوجته المحبوبة والمعروض قناعها الجميل المصنوع من الكارتوناج في المتحف المصري.
ونعرف أيضاً السيدة (سناى) زوجة حاكم طيبة (سننفر) والتي
ظهرت مع زوجها وابنتها في تمثال رائع. ونلاحظ أنها ممثلة بنفس ارتفاع الزوج. ونذكر
أيضاً (منانا) زوجة (خع امواست) فقد صورت برشاقة بجوار زوجها في التمثال وهى ترتدي
تمثال ضيق حابك ذي ثنايات على الأذرع وشعر مستعار طويل بشريط أو خصلات على هيئة..هذه هي المرأة في مصر القديمة كم كانت مقدرة.