١٠‏/١‏/٢٠١٢

حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عُمر



العدل... إن العدل من المبادئ الإنسانية العظيمة والتي بتحقيقها يتحقق سعادة الفرد والمجتمع، فالإنسان يحتاج إلى العدل في شتى جوانب  حياته فهو يتعامل مع أفراد مختلفين لا تجمعه بهم صله أو قرابة أو معرفه. فإذا كان شعار أفراد المجتمع العدل فانه سيعيش وهو مطمئن لأنه لن يُظلم وسيأخذ كل حقوقه ومطالبة بدون عناء مهما كانت منزلته في ذلك المجتمع.
والعدل في اللغة ضد الجور ، وهو ما قام في النفوس مستقيم، وهو الميل إلى الحق، وكذلك هو الإنصاف ووضع الشئ موضعه، والشخص العادل يعني الشخص المستقيم في الأمر.
ولقد نال العدل حيز كبير من تفكير كثير من الفلاسفة والمفكرين في الماضي والحاضر بهدف الوصول إلى الكمال في تحقيق العدالة على الأرض بين البشر، فظهرت العديد من النظريات تتحدث عن العدالة الاجتماعية وكيفية تحقيقها، فمثلاً قيل أن العدالة الاجتماعية هى التوزيع المتساوي للموارد لضمان أن يكون الجميع لديهم فرص متساوية أو متكافئة للتطور الاجتماعي والشخصي، وهي بذلك تمثل النفعية الاقتصادية وإزالة الفوارق الكبيرة بين الطبقات مما يساعد على السلام الاجتماعي.
كما أن جميع الشرائع والأديان سواء كانت سماوية أو وضعية أكدت على العدل والمساواة بين الناس  في الحقوق والواجبات..
ففي مصر القديمة مثلاً كانت أول معرفة البشر بالعدل حينما وضع المصريون نظام الــ(ماعت) أو العدل ليس فقط ليحكم المصريين وإنما ليحكم غير المصريين أيضا بلا ظلم أو تميز..فالــ(ماعت) تجسد النظام الكوني العادل الذي ارتضاه الله وأوكل به إلى الملك لإقامتها في حكم الأرض فكان إقامة العدل في مصر القديمة من الواجبات المقدسة التي لابد أن يقوم بها الملك.
وجميع الرسالات السماوية جاءت بالدعوة إلى إقامة العدل في الأرض ولا أبالغ إن زعمت إنها الرسالة الأساسية للأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام..فمن صفات الله العدل وان الظلم هو ابغض الأشياء إليه ..عرفنا أن الله يغضب لدعوة المظلوم ولا يردها..وعرفنا أن الظلم ظلمات يوم القيامة..وان الله يغفر كل الذنوب إلا ظلم شخص لغيره حتى يعفو عنه..فيالها من صفة سامية لابد من إقامتها على الأرض حتى تستقيم أمور البلاد والعباد.
وقديماً قالوا أن العدل أساس المُلك، أي أن المُلك لا يقام إلا في ظل العدل، وما العدل إلا إقامة القانون بين الناس..والقانون ذلك لابد وان يكون قوي يحترمه الجميع وليس فقط يخافونه والمعنى مقصود..فالقانون القوي هو المطبق على الجميع بلا تميز يكون محترم من الجميع لقوه ذاتية فيه..أما القانون الذي يخيف فقط فإنما هو قانون ضعيف لا يطبق إلا على الضعفاء من أبناء الشعب دون غيرهم ويكون قانون يتماشى مع الأهواء ويخدم مصالح أصحاب النفوذ والسلطة والمال..!!!
لذلك فهمت الآن معنى كلمات ذلك الجندي الرومي الذي جاء إلى عمر بن الخطاب برسالة من ملك الروم فوجده نائم في ظل شجرة في أمان دون أن يخشى شئ، فقال له "حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عُمر".
لاحظ هذا الترتيب الرائع والمنطقي الذي نطق به ذلك الأعجمي..فالحكم لابد وان يقام على أساس العدل وإقامة العدل هو أساس الاستقرار ويتبعه استتباب الأمن لان كل فرد أصبح يعلم أن حقه لن يضيع مما يمهد الحياة إلى الاستقرار فبالأمن يصبح الاستقرار واقع مما يدفع عجلات الإنتاج للتقدم والانتعاش، فهكذا يجب أن نفكر، فقبل أن نفكر في دوران العجلة وعودة الأمن إلى الشارع يجب إقامة العدل..يجب محاكمة المجرمين الذين افسدوا الحياة في مصر وتسببوا في ضياع أجيال بين الأمراض والبطالة والجهل والفقر والعشوائيات..ولم يكتفوا بذلك بل قتلوا وبدم بارد الشباب المسالمين الذين خرجوا يطالبون بحقوق مشروعة لهم، وبعد ذلك يبقى القاتل يحاكم في مسرحية هزيلة والمقتول يقبض علية ويتهم بالبلطجة.
ومن يحمي هؤلاء الظالمين المجرمين يريد إلا يقام العدل في ارض مصر ويريد أن يستمر الحال في عدم الاستقرار والفوضى حتى يجد مبرر قوي له للبقاء في قمة الهرم السياسي ويملك كل أوراق اللعبة في مصر بزعم حماية البلاد من الفوضى.
أقيموا العدل حتى تستقيم أحوال البلاد..اقتصوا من هؤلاء القتلة والمجرمين حتى يعود الأمن والأمان لمصر، حتى يشعر الناس بأن حقوقهم لن تضيع، وان غداً سيأتي بيوم جديد.....!!!!
من فضلك اسمع الاغنية....!!!!