٢٦‏/١٠‏/٢٠١٢

أول دولة قومية موحده في التاريخ - ج1

(الملك الأول لمصر الموحده)
يكتب محمود فرحات - عضو جمعية الآثار

 بمناسبة الاحتفال بعيد (سما-تاوي) أو إتحاد الارضين والذي يوافق يوم 21 بابه من التقويم المصري القديم 31 أكتوبر 2012
 اكتب ذلك الموضوع على أجزاء استعرض من خلاله كيف استطاعت مصر تأسيس أول دولة قوميه موحده في التاريخ وأسلط فيه الضوء على فترات من تاريخ مصر القديمة تم فيها انحلال البلاد وتوحيدها على يد ملوك عظام مثل اعحمس و منتوحتب الثاني و حورمحب و ستنخت و تفنخت وبسماتيك الأول وأمون حر ونختنبو الثاني في توحيد البلاد وإزالة أسباب الانهيار والتفكك والفوضى والعودة بالبلاد قوية موحده.
فعلى مدار التاريخ مرت مصر بفترات من التفكك والتقسيم إلى دويلات وفترات اتحاد وترابط ومنذ فجر التاريخ ومقومات الوحدة بين أطراف مصر متوفرة  فقد وهبة الطبيعة مصر نهرا يمتد من جنوبها لشمالها ليربطها ببعضها ولقد لاحظ المصري القديم هذه الإشارة وعمل على توثيقها على جدارياته وأثاره فوجدناه يحفر منظر يمثل النيل برجلين يمسك احدهما زهرة اللوتس والآخر نبات البردي وهما شعارا الشمال والجنوب...
لقد قطع المصري القديم شوطا كبيرا لكي يوحد أقاليم مصر المتفرقة  فقد سبق العام 3400 ق.م حيث يحكي لنا تاريخ مصر عن أن أولى المحاولات كان على يد ملوك الدلتا لتوحيد البلاد وتمكنوا بالفعل من توحيد مصر ولكن حكام الصعيد تمكنوا من الاستقلال مره أخرى ثم تلا ذلك محاولات حكام الصعيد ابتدءا من الملك (سركت) أو العقرب لتوحيد مصر في دولة واحدة وقد تمكن (العقرب) من ذلك لكن لا ندري ما الأسباب التي جعلته يرتدي تاج الأبيض وحده مما يدلل على عدم إتمام الوحدة.
ومنذ عصر الدولة الحديثة وملوك مصر يذكرون أن أول من حكم مصر الموحدة كان الملك (منا) وهذا ما ذكره أيضا هيرودوت ومانتيون في تاريخه..ولكن الآثار تكشف لنا عن أسماء أخرى مثل (العقرب) و(نعرمر) صاحب اللوحة الشهيرة التي تجسد انتصاره على الشمال وكذلك (حور عحا).. وهذا ما يضعنا في إشكالية من هو الملك الأول لمصر الموحدة..!!!
فكما ذكرنا من قبل ان الملك (العقرب) قد وحد الصعيد وحارب حكام الدلتا وهذا مثبت بما تركه من أثار تخلد هذه الانتصارات ولكنه ظل يرتدي تاج الصعيد فقط الأبيض، والملك (نعرمر) قد خلد انتصاراته على لوحته الشهيرة ذات الوجهين وعلى دبوس قتاله وسدادات أختامه الطينية وقد صور يرتدي تاج الشمال والجنوب.. بينما الملك (منا) والذي اعتبر هو أول ملوك مصر منذ عصر الدولة الحديثة فحتى الآن لا نعرف عنه معلومات كافية.. أما (حور عحا) والذي يعني اسمه الصقر المحارب فقد ظهر اسمه في صورة أختام كما وجدت له لوحه تشبه لوحة (حور عحا).
 يرى جاردنر أن (منا) هو (نعرمر) واعتمد في ذلك على وجود الاسمين على احد الأختام للسدادات الطينية لإحدى الجرار التي عثر عليها قرب أبيدوس..أما فانديه فيقول بأن (نعرمر) هو (منا) وقد اتخذ أيضا اسم (حور عحا) بعد انتصاراته على أهل الدلتا، 
بينما يرى ادواردز أن (منا) هو الاسم النيبتي للاسم الحوري عحا وقد اعتمد في ذلك على لوحة عاجية عثر عليها في نقادة ونقش عليها الاسمان جنبا إلى جنب مما جعل بعض الأثريين يقولون بأن (عحا) هو خليفة (منا)،  ويعتقد إمري ان (حور عحا) هو منا ويعزز رأيه ذلك بعدم وجود أي دليل على اسم نعرمر بجبانة العصر العتيق بسقارة ويقول بأن منا اتخذ في بداية الأمر لقب (حور عحا) بمعنى الصقر المحارب وعندما تم له النصر على أهل الشمال اتخذ لقب (منا) بمعنى المثبت أو الخالد...ويقول الدكتور سيد توفيق أستاذ الآثار والحضارة المصرية بأن يعتقد أن الذي تولى عرش مصر في بادي الأمر كان (نعرمر) وعندما حارب ووحد الارضين أطلق على نفسه (حور عحا) ولما استتب له الأمر في البلاد لقب نفسه بالاسم الأشهر وهو (منا)...ولكنه يتساءل  هل (نعرمر) هو بالفعل (منا) ؟؟؟ كما يتساءل د.فخري حول أسباب عدم اكتمال الوحدة في عهد (العقرب) ؟؟؟ وهل (منا) او (نعرمر) قد أكمل الوحدة ؟؟؟  
ويمكنني أن أقول أن تأسيس الدولة المصرية الموحده لم يتم بمرحلة واحده أو على يد رجل واحد فكلا من العقرب ومنا ونعرمر وحور عحا يمثل شخص ملك مستقل بذاته وكل واحد منهم حاول أن يؤسس الدولة المصرية  الموحدهولكن كل منهم اتم مرحلة ومن تلاه أكمل أعمال سابقيه حتى تحققت كامل الوحدة في عهد (حورعحا) بتأمين حدود البلاد في النوبه وبلاد الليبو وننتظر ما سيكشف عنه تاريخنا في الأعوام القادمة حول هذا الموضوع.
على ايه حال فكما هو معروف انه حوالي عام 3200ق.م تمكن الملك (نعرمر) حيث يعود اليه الفضل لتوحيد البلاد (بما هو متاح الينا من معلومات اثرية) فقد سجل (نعرمر) على لوحته الشهيره والموجوده بالمتحف المصري تفاصيل انتصارة حيث نجد اسمه على الوجهين مكتوب داخل مستطيل يمثل واجهة القصر وعلى يمينه ويساره رسم لرأس يمثل حتحور بوجه انساني واذني وقرني بقرة بينما نجد الملك على الوجه الخلفي واقفا وعلى رأسه تاج الجنوب ويقبض على ناصية عدو راكع امامة يدعى (واع-شي) وهو ملك الدلتا وقد رفع (نعرمر) يده اليمنى بدبوس قتاله ليهوي به على رأسه وامام الملك نجد (حور) على شكل صقر يقبض بيده على حبل يجر به رأس عدوه يعلوه سته اعواد بردي يمثل كل عود عدد 1000 اي ان (حور) يجر خلفة 6000 أسير ، ويسير خلف  الملك (نعرمر) احد اتباعه وقد حمل في يده اليمنى اناء وفي اليسرى يحمل حذاء الملك وفي اسفل اللوحة نرى اثنين من اعدائة وفوق كل منهما اسمة، وعلى الوجه الآخر للوحة يحتل الجزء الاوسط منه صورة حيوان ين ذوي اعناق طويلة التفت حول بعضها وفي الجزء الاسفل من اللوحة نرى ثور وهو يمثل الملك يحطم بقرنية احد حصون الاعداء (لاحظ تسمية الملك في العصور التاليه بالثور القوي..كذلك تشبه الملك المصري بالثور في طقوس العيد الثلاثيني او عيد الجلوس على العرش) وقد ارتمى أسفل منه احد اعدائة وفي الجزء العلوي من اللوحة نجد الملك بتاج الشمال الاحمر يسير وخلفه ذات الموظف الذي يحمل حذاء الملك وأمام الملك سار موظفا آخر وتقدمه أربعة من حملة الأعلام وامام الأعلام صفين من الجثث المقطوع رؤسها.
وللحديث بقية..دمتم مصريين