٥‏/٣‏/٢٠٠٩

فلسفة جسد المرأة ..نموذج لكمال الجسد البشري

في البداية كان الإنسان والإنسان هو من صنع الحضارة عندما فكر بغير قيود عندما كان حر العقل لا تكبله أفكار تكفيرية وتحريمية ,وعندما لم يضع حدود لأحلامه تمكن من صنع الإعجاز الذي مازال شاهد على مدى رقي هذا الإنسان القديم وتتقدمه وكم نفتخر دوما بأننا أحفاد أصحاب هذه الحضارات القديمة والتي أبهرت العالم المعاصرولكن هذا الإنسان – واقصد به الرجل- في البداية خاف من أربعة أشياء هي ( الموت والأحلام والطبيعة والمرأة)
وحاول الإنسان الأول أن يطوع هذه الأشياء التي خافها ويجعلها لصالحه فقد تمكن من تفسير أسباب الموت وعرف انه ليس النهاية بالنسبة للروح وتغلب على فناء الجسد بالتحنيط أما الأحلام فقد عمل لها التعاويذ والادعيه حتى لا تكون مفزعة والطبيعة فقد تمكن الإنسان عبر عصور على تفسير ظواهرها والتغلب عليها .أما المرأة ذلك المخلوق الغامض والذي يشبهه ويختلف عنه في ذات الوقت لم يستطع الرجل التغلب عليها كأحد مخاوفه وسبب خوف الرجل من المرأة انه لم يفهم العلاقات التي نعرفها الان بفضل العلم الحديث
فقد وجدها تفقد الدم ولم تمت كل شهر (الدورة الشهرية)..ثم وجد بطنها تنتفخ وتحمل طفلا صغير داخل بطنها ثم تلد ولم تمت فخاف أكثر ولم يدرك العلاقة الطبيعية بين الجماع والإنجاب والسبب هو بعد المدة بين الجماع والولادة (( 9شهور)) ولكنه ربط بين غياب دم الدورة والإنجاب حيث اعتقد أن الجنين يتكون من الدم لذلك كان يدفق الدم على الأرض البور لتنبت الزرع..وأعتقد أن الأنثى هي صانعة الإنسان بأمر الإله فهي مخلوق الهي وليست بإنسان فهي حلقة الوصل بين الرجل والإله لذلك قدسها الإنسان في الحضارات القديمة في (مصر والعراق وسوريا ) فهي ايزيس العذراء التي لم تجامع زوجها أوزير وأنجبت حور المنتقم لأبيه وهى عشتار في فينيقيا وهى ايلات في بابل

عجائب الجسد الأنثوي هى التي جعلت أول عمل فني تشكيلي يصنعه الإنسان الأول هو التفكر في جسد المرأة في كل مراحله فكانت عشتار على سبيل المثال أول عمل فني إبداعي منذ ألاف السنين بشكل يبرز دهشته وحيرته من ظواهره وشكله المرتبط ارتباطا وثيقا بالخصوبة والعطاء وتطور إلى مرحلة متقدمه من التقديس والسمو وقد اهتم الفنان الراقي الذي ينتمي لهذه الحقبة التاريخية في صناعة تماثيله بمنطقة الثديين والحوض والبطن فنجده تارة يعبرون عن الرشاقة والجمال في فلسفة روحيه راقية وتارة أخرى تعبر عن الامومه والخصوبة بإبراز الأثداء الممتلئة باللبن والبطن الكبيرة التي تحمل الوليد دون أي نظرة دونية للمرأة أو شهوانية ولكنها نظرة تأملية جمالية سامية ,

وحينما تعلم الإنسان صنع الجرار الفخارية ظهرت ما تعرف بالجرة المقدسة والتي تشكلت على هيئة جسد أنثى ذات عنق قصير وأثداء كثير متدلية متقابلة ليشرب منها طالبوا الحياة الطويلة
فجسد المرأة بالفعل هو النموذج الكامل والمثالي للجسد البشري وهو ذو رمزيه ساحرة فبجسدها نجد المسكن الأول للإنسان وهو الرحم بيت الوليد أو بيت الحياة كما أطلق عليه القدماء وفي ظلماته يتكون الجنين ويستمر يعتمد عليه حتى يرى النور لأول مرة ويستنشق الهواء خارجا من بوابة الحياة (فتحة الرحم) بعد ولاته ولكنه يحن طبيعيا إلى هذا الجسد أيضا متعلقا بأثداء أمه مانحة الحياة دافقة اللبن إلى فيه ليشرب سائل الحياة الأول ..إلى أن يقوى ويشتد عوده ويستطيع الاعتماد على نفسه في توفير المسكن والمأكل ..وحتى رغم ذلك و لحكمة ما ارادها الله جعل الرجل ايضا في احتياج الى جسد المرأة
وهكذا نظر الأقدمون لجسد الاثنى وقدسوه ولم يخجلوا أن يقدموه على هيئة تماثيل يبرزون من خلالها جماليات الكمال الجسدي البشري والذي لم يجدوا أبدع من جسد الأنثى لتقديم هذا النموذجورمز الفنان الأول للصرة بمركز الكون فقد كانت صرة عشتار هي مركز الكون ومعبدها ((وهى نفس الفكرة مع الاختلاف حينما نقول أن الكعبة هي مركز الكون ))وهكذا تلمس الفنان الأول أبجديات الجسد الأنثوي وأكد على ذلك الفنان المصري الذي صور آلة الخير والنماء والنيل برجل له لحية ورغم ذلك له جسد أنثى دليل على أن جسد الأنثى هو المظهر الأمثل والأكمل وذلك رغم أن التمثال يبدو منتفخ الأثداء والأرداف ولكنها كلها ذات دلالات رمزيه على الخصوبة والخير..ولم يقصد بها النظرة الشهوانية..فهل الجسد هو اصل الشرور ام انه دليل قدرة الخالق ورسالة جمال منه لنا؟وهل تصوير الجسد عاري هو دعوة لتحريك الغرائز ام انه دعوة للتفكر في جماليات هذا الجسد؟ هل صور الاقدمون الاجساد عاريه لانهم شهوانين ام لانهم ارقي منا في فهم الجسد وعدم ازدرائه؟ وهل عشق الجسد فاني حقا؟؟
وهذة باقه من الصور لابداعات القدماء في تمثيل الاجساد عارية وابراز مواطن الجمال فيها..وهي لايزيس ترضع طفلها والربه عشتار في اشكال مختلفةوافروديت وفينوس ربات الجمال والرشاقة والحبهذة دعوة لعدم ازدراء الجساد وبخاصه جسد المرأة والنظر للاشياء بسمو

وها نحن اليوم نحرم التفكير والإبداع ونقيد العقول وننظر إلى المرأة نظرة دونيه ونحتقر الجسد ونقول بفنائه وضرورة تكبيله وستره عن الأعين لأنه يحرك الغرائز وهذه نظرة المكبوتين الذين من داخلهم يشتقون إلى كشف هذا الجسد لافتراسه من أصحاب الجلابيب البيضاء واللحى الطويلة والعقول الممسوحة فمن أكثر رقي إنسان اليوم أم إنسان الماضي؟؟
تحياتي/ محمود فرحات
والى الأمام دائما