٢٤‏/٩‏/٢٠١٢

فتوحات إسلامية ام غزوات استعمارية


فتوحات إسلامية ام غزوات استعمارية
يكتبها: يوسف المساتي
منشورة بالحوار المتمدن بتاريخ 10-04-2010


شهدت الدولة الإسلامية أوج توسعها خلال العصر الأموي تحت اسم "الفتوحات"، غير أنه كان –إلا في حالات نادرة- بحد السيف، وهو ما يسمح بالتساؤل حول أسباب هذه العملية "الفتوحات" : هل جاءت بهدف نشر الإسلام أم لتوسيع أرجاء الدولة؟ قبل الإجابة لا بد لنا من استحضار مجموعة من المعطيات التي تحمل في ثناياها جواب هذا السؤال.
من بين الأمور المهمة والواجب الإشارة إليها في هذا المقام أنه مباشرة بعد وفاة الرسول (ص) اندلعت حروب الردة، والتي غطت معظم الأراضي المفتوحة آنذاك، ولعل أحد أهم عواملها الأساسية هو أن إسلام أغلب القبائل العربية كان سياسيا أكثر منه دينيا، بمعنى أن إسلام هذه القبائل لم يكن تسليما للخالق و رسوله، وإنما كان تسليما للسلطة السياسية القائمة، وهو ما عبر عنه مسيلمة الكذاب من خلال رغبته في اقتسام السلطة مع محمد (ص)، ما يعني أن قبائل شبه الجزيرة كانت تنظر إلى محمد (ص) كزعيم سياسي أكثر منه نبيا أو رسولا.
من ناحية أخرى فإن المتتبع لحركة "الفتوحات" يجد أنه ثمة مناطق فتحت بسرعة بشكل مثير للدهشة أحيانا، غير أن هذه الدهشة سرعان ما تتلاشى عندما نتأمل في خارطة هذه المناطق حيث نجد أن أغلبها كان يعاني من وطأة النظم التي كانت تحكمه (الفرس، الروم...)، وبالتالي، شكل الإسلام ملاذا اجتماعيا و سياسيا، خاصة في ظل ما طبع العصر الراشدي في فترته الأولى (فترة أبو بكر و عمر) من عدالة اجتماعية و مساواة.
وهنا لابد أن نشير إلى أن الفتوحات الإسلامية في صدر الإسلام كانت تتم بجيش من "المتطوعين" كان يجتمع حسب الضرورة، للفوز بإحدى الحسنتين الغنيمة أو الجنة، غير أنه وعلى يد معاوية سيتحول المتطوعة إلى جيش نظامي، وبالتالي، تحول المتطوع إلى جندي غاز يتلقى راتبا شهريا مقابل توسيع أرجاء الدولة وحماية النظام القائم من الثورات والتمردات الداخلية.
أما المعطى الأخير الذي نسوقه في هذا الصدد وهو أن العديد من المناطق قد شهدت ثورات على الحكم المركزي، بسبب سوء معاملة الولاة، أو استمرارها في دفع الجزية برغم إعلانها لإسلامها، ويمكن لنا هنا أن نستحضر ما حدث في أرض المغارب من عمليات مصادرة لثروات وخيرات المنطقة، والتي كانت أحد أسباب ثورة السكان على الحكم المركزي، واحتضانهم للعديد من الحركات المناوئة للسلطة.
وبناء على ما سبق يمكن أن نخلص إلى أن ما يعرف بالفتوحات الإسلامية خلال العصر الأموي جاءت بهدف توسيع أرجاء الدولة، وتسخير خيرات المناطق المفتوحة للسلطة الحاكمة، أما نشر الإسلام فلا نعتقد أنه كان من بين أهداف الحكام آنذاك، وهو ما يقتضي أن نميز بين الفتح الذي يعني دخول الدين الإسلامي لمنطقة ما، وبين الفتح الذي يعني فتح خزائن الخليفة وولاته لنهب ثروات مناطق ما باسم الإسلام، لأنه ثمة وسائل أخرى انتشر بها الإسلام (التجارة، البعثات الدبلوماسية...)، وشهد التاريخ أنها رسخت الإسلام في نفوس المعتنقين له أكثر مما فعل حد السيف.

رابط المقال:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=211033